الثلاثاء، 12 فبراير 2019

نسبة أعجب العجب في شرح لامية العرب

              
نظرات في كتاب أعجب العجب في شرح لامية العرب المنسوب للزمخشري:
كنت قد دونت ملحوظات على شرح لامية العرب المنسوب للزمخشري بعنوان أعجب العجب على أمل التوسع فيها عندما أجد سعة من الوقت ولكن مضت السنون وبقيت الملحوظات مدونة في قصاصات وعلى نسخة صورتها من الكتاب فرأيت أن أنشر هذه التعليقات لعل باحثا آخر يتوسع فيها إن حال بيني وبين ما كنت أريد العوائق.
وفيما يأتي من التعليقات أدلة قاطعة على أن الكتاب ليس للزمخشري:
1-  جاء في مقدمة أعجب العجب المطبوع:
هذه نكتة قذفتْها خواطر خاطري......على شرح قصيدة الشنفرى الموسومة بلامية العرب.
فكتاب أعجب العجب المطبوع عبارة عن تعليق على شرح سابق للامية الشنفرى، والمقصود به على الأغلب شرح محب الدين العكبري على ما سيتبين فيما يأتي، وشرح العكبري بعد الزمخشري بحوالي قرن من الزمان.
2- جاء في مقدمة أعجب العجب المطبوع:
 تحفة أتحفت بها الخزانة السعيدية والحضرة العزية
والخزانة السعيدية في الغالب نسبة إلى الملك السعيد ابن الظاهر بيبرس وكان في نهاية القرن السابع أي بعد الزمخشري بأكثر من قرن.
3-  جاء في المقدمة أيضا أبيات سينية ولكنها غير موجودة في ديوان الزمخشري المطبوع الذي له عندي نسخ مخطوطة.
4- جاء في المقدمة أيضا:
وخطابي لمن نشأ في علم الإعراب ... وسرد علميْ المعاني والبيان وعرف التحقيق فيهما من التبيان، وطالع أساس البلاغة، وعرف براعة اليراعة
والمقصود بالتبيان هو كتاب التبيان في المعاني والبيان للطيبي المتوفى في النصف الأول من القرن الثامن
والمقصود ببراعة اليراعة هو كتاب كنز البراعة في أدوات ذي اليراعة لابن الأثير الحلبي المتوفى سنة 699 هـ أو خلاصته المسماة جوهر كنز البراعة لذوي اليراعة لابن المذكور المتوفى سنة 737 هـ  فهذا دليل قاطع على تأخر مؤلف هذا الكتاب المطبوع باسم أعجب العجب المنسوب خطأ للزمخشري.
5- جاء في  أعجب العجب ص 33 عن الفعل المضارع:
6- وهُو مَا كَانَ في أوَّلِه إحْدَى الزَّوائد الأرْبع، فيُحْكم عَليه بالإعْرابِ مَادَامَ وصفُ المضَارعةِ باقيًا، وذَلِكَ إذا كَانتْ زائدَةٌ مِنْ الزَّوائدِ الأرْبعِ مَوجُودَةً في أوَّلِه فمَتى زايَلته زالَ شَبَهُه بالاسْمِ، فيَعُود إلى أصْلِه مِنْ البنَاءِ
فهو جعل الزوائد الأربع في أول المضارع سببا في شبه هذا الفعل للاسم
وهذا مخالف لما في مفصل الزمخشري الذي يقول ص 244
وبدخولهما (أي لام الابتداء وحرف التسويف) عليه (أي على المضارع) قد ضارع الاسم، فأعرب.
7- في ص ص 79-82 تحدث صاحب الكتاب المسمى أعجب العجب عن معاني (لو)  فأتى لها بمعان واستعمالات عديدة لا نجدها إلا في كتب معاني الحروف وإذا رجعنا للمفصل لم نجد من هذه المعاني إلا معنى إن الشرطية خلا أنها بعكس إن تجعل الفعل المضارع بعدها ماضيا في المعنى
ومن هذا القبيل الشيء الكثير
8- يلحظ أن معظم تعليلات صاحب أعجب العجب مأخوذة من كتاب اللباب في علل البناء والإعراب للعكبري المتوفى سنة 616 هـ  مثلا تعليله عدم بناء المنادى المضاف ص 35 فهو يشبه ما ذكره العكبري في اللباب 1/ 332 ومثل هذا كثير
9- يلحظ اعتماد صاحب هذا الشرح على شرح العكبري للامية والراجح أنه اتخذ شرح العكبري أصلا لشرحه فجاء شرحه موسعا فمثلا  قال العكبري :
وقال صاحب أعجب العجب:
وأما الفاء فإنها تنبه على أن ما قبلها علة لما بعدها ويؤيد ذلك وقوعها في جواب الشرط  وقد تأتي رابطة لما بعدها بما قبلها والأشبه استعمالها هنا بمعنى التعليق وإن لم توجد صيغته إذ المعنى إن أقمتم على ما أرى من إهمالكم أمري وغفلتكم عني ملت لغيركم
ثم استطرد للحديث عن إن المشددة
10-             وقال العكبري:
       
وقال في أعجب العجب:
وَأما (أميل) بِمَعْنى مائل، وأفعل بمعنى فاعل كثير، كَمَا جَاءَ أكبر بِمَعْنى كَبِير، وأوحد بِمَعْنى وَاحِد، فلَيْسَ المراد معنى المبالغة لأنه يؤدي إلى اشتراكهم في الميل ولم يكن كذلك .
وَأميل خبر إن و (إِلَى) تتعلق (بأميل) لما فِيهَ من معنى الْفِعْل، ولَام التوكيد لا تمنع ذلك والنية به التقديم. وَقد جاء ذلك في الكتاب العزيز: {وَإِن كثيرا من النَّاس بلقاء رَبهم لكافرون} .


11-             والقول الفصل في أن هذا الشرح ليس للزمخشري أن صاحبه قال في ص 128 عن بيت الشنفرى
(وَأصْبح عني بالغميصاء جَالِسا ... فريقان: مسؤول وَآخر يسْأَل):
وَقَالَ شَيخنَا محب الدَّين أثابه الله الجنة: الْجيد أَن يقدر ها هنا مُبْتَدَأ و(مسؤول وَآخر يسْأَل) خبره، ويكون التقدير : هما.
وهذا  هو كلام محب الدين العكبري حيث يقول في شرحه:
والجيد أَن يكون الْمُبْتَدَأ (هما) و( فريق مسؤول وَآخر سَائل) المعطوف والمعطوف عَلَيْهِ خبر الْمُبْتَدَأ
 فمؤلف هذا الشرح ليس هو الزمخشري قطعا فإن كان قول المؤلف:  شيخنا، على سبيل الحقيقة فهو من تلامذة العكبري وهذا عندي بعيد لأنه في المقدمة ذكر التبيان للطيبي المتوفى سنة 743 هـ والعكبري توفي سنة 616 فيبعد أن يلحق تلميذ للعكبري كتاب التبيان للطيبي إلا إذا كان قد عمّر طويلا، لذلك أرى أنه ربما أراد بقوله شيخنا : إمامنا في شرح اللامية.
نعم قد يكون للزمخشري شرح بعنوان أعجب العجب كما ذكر ياقوت ولكنه قطعا ليس هو هذا المطبوع.
وكتبه بهاء الدين عبد الرحمن
مكة المكرمة حرسها الله
6-6-1440