الاثنين، 24 أكتوبر 2011

تفسير المشكل من كلام سيبويه


 قال سيبويه :والفتح في الأفعال التي لم تجر مجرى المضارعة قولهم: ضرب، وكذلك كل بناء من الفعل كان معناه (فَعَلَ).
ولم يسكّنوا آخر (فَعَلَ) لأن فيها بعض ما في المضارعة، تقول: هذا رجل ضربنا، فتصف بها النكرة، وتكون في موضع (ضارب) إذا قلت هذا رجل ضارب. وتقول: إنْ فعل فعلت، فيكون في معنى: إن يفعل أفعل، فهي فعل كما أنّ المضارع فعل، وقد وقعت موقعها في (إن) ووقعت موقع الأسماء في الوصف كما تقع المضارعة في الوصف، فلم يسكّنوها كما لم يسكنوا من الأسماء ما ضارع المتمكن، ولا ما صيّر من المتمكن في موضع بمنزلة غير المتمكن. فالمضارع: من علُ، حرّكوه لأنهم قد يقولون من علٍ فيُجْرُونه. وأما المتمكن الذي جعل بمنزلة غير المتمكن في موضع فقولك: ابدأ بهذا أول، ويا حَكَمُ.
التفسير:
علل سيبويه بناء الماضي على السكون بكونه شبيها بالفعل المضارع الذي أعرب لمضارعته الاسم، وذلك لأن الماضي فعل مثل المضارع، ويقع موقع المضارع في وصف النكرة، كما يقع موقعه في الجمل الشرطية، والفرق بينهما أن الماضي لا تدخل عليه لام الابتداء وتدخل على المضارع، فلما كانت بينهما هذه المشابهة حركوا آخر الماضي بالفتح الذي هو أخف الحركات.
ثم ذكر لهذا الحكم المبني على المشابهة نظيرا في الأسماء، فالعرب لم تبن الأسماء المشابهة للاسم المعرب على السكون، وإن كان السكون هو الأصل في البناء، وإنما بنوها على الضم لأن الرفع أول أحوال الاسم المعرب، وضرب مثالا على الاسم المبني الذي شابه المعرب قولهم: من علُ، بالضم، حركوه بالضم ولم يسكنوا لأنه يشبه الاسم المعرب (علٍ) الذي أصله (علي) على وزن فَعِل،كـ (عم) و(شج) فهذا يعرب وتحذف ياؤه في الرفع والجر وتثبت في النصب، تقول: هذا مكان علٍ، ووصعدت مكانا عليا، ومررت بمكان علِ.
وكذلك لم يبنوا على السكون الأسماء التي تبنى بناء عارضا، كالأسماء المقتطعة عن الإضافة، والمنادى المفرد، نحو: افعل هذا أولُ، ويا زيدُ، فقد بني على الضم ولم يبن على السكون لأنها في الأصل معربة، فهي أولى بالضم من الأسماء التي ضارعت الاسم المعرب، وليست معربة في الأصل، وبناؤها على الضم كان تشبيها بالمبتدأ المرفوع لأن أول أحوال الاسم الابتداء الذي يوجب الرفع. والله أعلم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق