الجمعة، 4 يوليو 2014

دليل زيادة التاء في عنكبوت

قال سيبويه في معرض بيانه دليل زيادة التاء في عنكبوت: لأنهم قالوا عناكب، وقالوا العنكباء، فاشتقوا ما ذهبت فيه التاء، ولو كانت التاء من نفس الحرف لم تحذفها في الجميع كما لا يحذفون طاء عضرفوط. (ج  4/316)
قال شيخي محمد عبد الخالق عضيمة رحمه الله في مقدمة كتابه فهارس سيبويه:  هذا النص خطأ بين لا يستقيم مع كلام النحويين البصريين ولا مع ما ذكره سيبويه في مواضع أخرى من كتابه، فالمعروف المسلم به من الجميع أن الخماسي المجرد يحذف خامسه في التصغير والتكسير، وإذا كان معه زائد حذف ايضا فطاء عضرفوط وهي الدابة يجب حذفها في التصغير والتكسير مع الواو الزائدة، وهو محل اتفاق لنحاة البصرة ، وصرح سيبويه بذلك في موضعين... 
ثم قال: لذلك أعتقد أن النص السابق وقع فيه خطأ في الطباعة وأن تصحيحه هكذا: ولو كانت التاء من نفس الحرف حذفتها في الجمع كما يحذفون طاء عضرفوط.
قلت: هذا لا يحل الإشكال، بل يؤدي إلى معنى لا يصح وهو: ليست التاء أصلا لذلك لم تحذف في الجمع، ونحن نعلم أنها حذفت وأن سيبويه جعل حذفها دليلا على زيادتها.
ولم يتعرض السيرافي ولا أبو علي الفارسي لشرح قول سيبويه هذا، ولكن الأول علق على قول لسيبويه عن تصغير عنكبوت ومنجنيق حيث قال سيبويه: ويدلك على زيادة التاء والنون كسر الأسماء للجمع وحذفها، وذلك أنهم لا يكسرون من بنات الخمسة للجمع حتى يحذفوا، لأنهم لو أرادوا ذلك لم يكن من مثال مفاعل ومفاعيل، فكرهو أن يحذفوا حرفا من نفس الحرف، ومن ثم لا يكرون بنات الخمسة إلا أن تستكرههم فيخلطوا، لأنه ليس من كلامهم فهذا دليل على الزوائد.(3/444)
قال السيرافي: استدل سيبويه على زيادة التاء في عنكبوت وتخربوت والنون في منجنيق بأن العرب قد كسرت ذلك، وهم لا يكسرون ما كان على خمسة أحرف أصلية إلا أن تستكرههم ، ومعنى ذلك أن يسألهم سائل فيقول كيف تجمعون فرزدقا وجرحدلا وما أشبه ذلك ، فربما جمعوه على قياس التصغير في مثل سفرجل وفرزدق ، وربما جمعوه بالواو والنون أو غير ذلك ...(الحاشية 2 ج3 / 444)
وقال الجرجاني في شرح التكملة (1036): ولا يجوز أن تكون التاء [في عنكبوت] أصلا ويكون خماسيا كعضرفوط لأن الخماسي لا يكسر إلا على استكراه وعناكب كثيرة في كلامهم.
وبمثل هذا علل ابن يعيش في شرح المفصل. قال: والتاء في عنكبوت زائدة ومثاله فعللوت ملحق بعضرفوط لأنك تقول عنكباء في معنى عنكبوت، وفي الجمع عناكب، فسقوط التاء دليل على زيادتها، فإن قيل ليس في قولهم عناكب دليل على زيادتها لأن الحرف الخامس يحذف في التكسير، نحو قولهم في عضرفوط عضارف، والطاء غير زائدة فالجواب أن العرب لا تكاد تكسر الاسم الذي على خمسة أحرف أصول إلا مستكرهين، فلما قالوا عناكب من غير استكراه دل أن التاء زائدة.(9/ 157 - 158)
قلت : غاية كل هذا أن العرب تكسر عنكبوت من غير استكراه على عناكب فيحذفون التاء وأنهم يكسرون عضرفوط على استكراه فيحذفون الطاء، فدل هذا على زيادة التاء في عنكبوت،  فيبقى الإشكال قائما في قول سيبويه، لأن معناه: لو كانت التاء أصلية لما حذفت في الجمع كما لا تحذف طاء عضرفوط في الجمع.
أعود لموضوع الاستكراه فأقول إن عدم الاستكراه في عناكب وكثرة استعماله ليس مرده إلى أن التاء زائدة وإنما يرجع إلى خفة لفظه وحاجة أهل اللغة لاستعماله، ولو كان مكان الطاء في عضرفوط تاء زائدة لما جعله ذلك غير مستكره بل لبقي قليل الاستعمال لثقل جمعه عضارف، وكذلك لو كان مكان التاء طاء في عنكبوت لبقي جمعه عناكب غير مستكره ولبقي كثير الاستعمال.
قلت: أرى أن نضع كلمة عضروط بدلا من عضرفوط لإزالة الإشكال فطاء عضروط لا تحذف في الجمع، من باب التشبيه بجامع الأصالة، أي : لوكانت التاء أصلية في عنكبوت لما حذفت في الجمع لأصالتها كما لا تحذف طاء عضروط ، كما لو قلت : لو كانت النون أصلية في غضنفر لما حذفت في الجمع كما لا تحذف نون عنتر، ولكن فاتني أن التاء هو الحرف الأخير وأنه يحذف أصليا كان أو زائدا، لذلك لا يصح هذا أيضا، ويبقى الإشكال كما كان،  ويبقى البحث مستمرا لحله.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق